خطاب الرئيس الأذربيجاني حيدر علييف في حفلة تقديم دبلوم الدكتور الفخري لجامعة باكو الحكومية الى الرئيس المولدافي بيترو لوتشينسكي -٢٦ نوفمبر عام ١٩٩٧
الضيف المحترم، صديقنا العزيز فخامة الرئيس بيترو لوتشينسكي!
الضيوف الكرام، السيدات والسادة!
في البداية أهنئ من صميم القلب الرئيس بيترو لوتشينسكي لقيامه بالزيارة الرسمية لاذربيجان اليوم وحصوله على دبلوم الدكتور الفخري لجامعة باكو الحكومية. صديقي المحترم، أتمنى لك الصحة والسعادة والنجاحات في منصبك العالي والهام كرئيس مولدافيا.
وانتهازا مني للفرصة اريد ان ابدي امتناني الكبير للقاء مع اساتذة ومدرسي وطلاب جامعة باكو الحكومية. جامعة باكو الحكومية لها مكانة مرموقة كبيرة في الحياة الاجتماعية السياسية لاذربيجان. لذلك فإني اعتقد ان كل لقاء مع جامعة باكو الحكومية عزيز كثيرا بالنسبة لكل اذربيجاني. وهذا عزيز خاصة بالنسبة لي، لأنكم تعلمون مدى ربطي بجامعة باكو الحكومية. ارحب بكم وباساتذة ومدرسي جامعة باكو الحكومية وجميع طلابها وكل الناس العاملين في هذا المركز التعليمي من صميم القلب وأبدي مرة اخرى لكم احترامي وامتناني واتمنى لكم الصحة والسعادة والنجاحات في عمل رفع مستوى التعليم العالي الاذربيجاني الى اعلى مستويات.
أظن ألا تعارضوني ان أواصل كلماتي بالروسية احتراما لضيفنا.
يسرني انك تحصل على هذا الاسم اسم الدكتور الفخري لجامعة باكو الحكومية لاول مرة كاسم فخري من الجامعة الحكومية. سيرتك الذاتية غنية جدا. يمكننا ان نرى فيها سلسلة من جوائز عدد كثير من الدول والاسامي المختلفة والمراسيم الفخرية والاوسمة والميداليات. لكن تقديم اسم الدكتور الفخري لدولة اخرى لك حدث لاول مرة كما علمت اليوم اثناء المحادثة معكم.
يسعدني ان هذا يحدث في اذربيجان، يقدم هذا الاسم لك من قبل جامعة باكو الحكومية المؤسسة التعليمية العريقة لاذربيجان. لا شك في ان هذا الحدث من شأنه ان يعزز علاقات الصداقة بين الشعبين الاذربيجاني والمولدافي والدولتين المولدافية والاذربيجانية وجامعتي باكو وكيشينيوف الحكوميتين والرئيسين لوتشينسكي وعلييف.
فخامة الرئيس، يعرفونك حسنا في اذربيجان، لست انا فقط فحسب بل يعرفك الجميع ايضا. قلت اثناء خطابك للتو انك زرت هنا قبل هذا بـ٣٥ سنة والتقيت مع الطلاب. كم من السعادة الكبيرة، ترى، زرت اذربيجان كرئيس الشباب قبل هذا بـ ٣٥ سنة فالتقيت مع الطلاب. بعد ٣٥ سنة تلتقي مع اسرة الاساتذة والمدرسين لجامعة باكو كرئيس بلدك ويقدم لك الاسم الفخري للدكتور. وهذا سعادة كبيرة وطبيعية. لأنك استحققت بالحصول على الدكتور الفخري لجامعة باكو الحكومية والارتقاء الى هذا المستوى، كما قلت، بنشاطك السياسي والحكومي خلال هذه السنة الخمس والثلاثين.
اعرفك منذ زمن التقيت معك هنا عام ١٩٧٠ بباكو لاول مرة ومنذ حين كنت في موسكو وطاجكستان فيما بعد كإنسان عمل كثيرا لشعبه وبلده. ان مصيرك كمصير عدد قليل من رجالات السياسة المحنكين الذين لم يفقدوا ثقة شعبهم ويعيدون الحصول على ثقته. كان عددهم قليلا. انت من الذين يقل عددهم. وهذا يدل على انك خدمت شعبك ووطنك وموطنك الأم باخلاص وتفان على مدى كل العصور. وهذا سعادة كبيرة.
بدأت اليوم زيارتك الرسمية لاذربيجان. تمكنا من مناقشة كثير من المسائل المهمة للعلاقات بين الدولتين وتبادل الآراء حول كثير من المسائل الدولية وتجربة بناء الدولة في مولدافيا واذربيجان. انا مسرور من هذه الفرصة، لأن مولدافيا واذربيجان تجتازان مرحلة الانتقال على السواء، كما اصبتم في القول انهما تواجهان المشاكل والصعوبات الشبيهة جدا، وتعالجان نفس المسائل بالكاد.
استمعت بحسن الاستماع الى خطابك عن الاحداث الجارية في مولدافيا وافكارك عن بناء دولة مولدافية مستقلة وآرائك ووجهة نظرك عن الديموقراطية والحياة السياسية والبناء الاقتصادي في مولدافيا. كل هذا شيق جدا واعتقد ان خطابك اليوم ولقاءاتنا المقبلة ايضا ستساهمان في اخذنا شيئا كثيرا من خبرة البناء السياسي الوطني في مولدافيا. سنتحدث لك عن الاحداث الجارية في اذربيجان. لا ريب في ان تبادل الآراء والتجارب هذا سيساعدنا في المضي قدما بنجاح.
نعم، نواجه نحن ايضا المشاكل الشبيهة. والاعقد منها بالنسبة لاذربيجان هو عدوان ارمينيا على اذربيجان والمشاكل المترتبة من هذا العدوان. احتلت القوات المسلحة لارمينيا ٢٠ % من اراضي اذربيجان باسباب مختلفة وطردت اكثر من مليون ساكن من الاراضي المحتلة. منذ ما يزيد عن ٥ سنوات ويسكن اغلبيتهم في المخيمات في حالة يرثى لها. انتهكت سلامة اراضي اذربيجان. توصلنا الى وقف القتال والحرب وسفك الدماء في مايو عام ١٩٩٤. انصرفت اكثر من ٣ اعوام، لكن السلام لا يزال بعيدا ولم نتمكن من إعادة سلامة اراضي اذربيجان.
انك على علم بالتدابير التي تحقق من قبلنا وكذلك من قبل مجموعة مينسك المنبثقة عن منظمة الامن والتعاون في اوربا ووسطائها الدوليين روسيا والولايات المتحدة الامريكية وفرنسا. نثق بان نحل القضية سلميا ونحرر الاراضي المحتلة الاذربيجانية من القوات المسلحة لارمينيا ونعيد اللاجئين الى ديارهم، ونعيد حدود اذربيجان وسلامة اراضيها ونتوصل الى سلام شامل ووطيد مع ارمينيا.
اعلنت مرارا وأقول اليوم في جامعة باكو الحكومية اثناء اللقاء مع الرئيس المولدافي مرة اخرى اننا نعتزم بمعالجة النزاع سلميا وإقامة علاقات حسن الجوار والتعايش مع ارمينيا وكذلك كل البلدان المجاورة لنا. أثق بان الحين سيحين لنشهد تحقيق كل هذا.
ونعلم عن كثب قضيتكم حول ما وراء الدنيستر. نعلم ان سلامة اراضي بلدكم قد انتهكت. نعلم ان ما وراء الدنيستر تطالب بالاستقلال والانفصال عن مولدافيا. نسترشد بمبدأ سيادة البلد وسلامة اراضيه بالنسبة لمولدافيا واذربيجان وكل بلد في العالم. يجب الالتزام بمبدأ القانون الدولي هذا ولا استثناء لاي احد في هذا. واجهت مولدافيا واذربيجان على السواء احداثا انفصالية. ارتكب مسببو هذه النزاعات في ساحة الاتحاد السوفييتي السابق جريمة بشعة امام الشعبين الاذربيجاني والمولدافي وشعوب سائر البلدان. تعاني هذه الشعوب من هذه الاحداث الانفصالية، اذ ان بعض القوى تسعى الى فصل جزء من الاراضي والحصول على الاستقلال. لن نسمح لهذا. اعلنا المبادئ المتخذة في اجتماع قمة لشبونة لمنظمة الامن والتعاون في اوربا عام ١٩٩٦ كمبادئ رئيسية للحل السلمي للنزاع القائم بين ارمينيا واذربيجان حول ناغورني كاراباخ. يدور الحديث عن إعادة سلامة اراضي اذربيجان وتقديم ناغورني كاراباخ اعلى وضع قانوني للسلطة الذاتية في التبعية لدولة اذربيجان. لن نسمح بإنشاء دولة ارمينيا ثانية على اراضي اذربيجان. ولن يسمح لهذا المجتمع العالمي ايضا. لا يمكن ان يسمح القانون الدولي بمثل هذه الحالة بحق اذربيجان وكذلك بلد آخر للكرة الارضية.
نواجه المشاكل المماثلة ايضا. تحدثت عنها بشكل صحيح ومفصل. لا اريد ان أطيل في هذا. اود ان اقول ان اذربيجان تعتزم على مواقفها في تعزيز استقلالها السياسي وإنشاء دولة قانونية وعلمانية وديموقراطية وإحلال مبادئ اقتصاد السوق والانفتاح امام الاستثمارات الاجنبية وإقامة العلاقات ذات المنفعة المتبادلة مع جميع البلدان. رغم عدد من الصعوبات التي واجهناها اتخذنا كثيرا من الاعمال خلال سنوات مضت. أذربيجان الآن دولة مستقلة قوية وقادرة على الحفاظ على سيادتها واستقلالها السياسي وحريتها الوطنية. هذا انجاز كبير للغاية ونفتخر بهذا.
تعالج المشاكل الاقتصادية بالتدريج، سترفع الاصلاحات الاقتصادية التي حققت وتحقق وتخطط تحقيقها في السنوات القريبة بالاقتصاد بلا شك الى المستوى العالي وستخلق ظروفا اكثر مناسبة لحياة ونشاط المواطنين الاذربيجانيين بأسرهم.
اذربيجان بلد متعدد الجنسيات. تحدث اليوم بيترو لوتشينسكي عن ملدوفا وممثلي القوميات المختلفة القاطنة في هذا البلد في جو من الأمان والتضامن. في ظني اننا جميعا استمعنا باهتمام كبير الى ان الاذربيجانيين ايضا يقطنون مولدوفا واصبحوا مواطني هذه الجمهورية ويملكون جمعياتهم ويعمل رئيس الجالية الاذربيجانية في وزارة الخارجية. بصراحة القول ان هذا حال يسرنا جدا. نتمنى كل مواطني مولدوفا رغم اختلاف قومياتهم ومن جملتهم الاذربيجانيين القاطنين في مولدوفا السلام والرفاه والسعادة.
تتميز اذربيجان بتعدد القوميات. يقطنها ممثلو عديد من القوميات والشعوب في جو من التعايش وفي اسرة موحدة ويتمتع جميعهم بالحقوق المتساوية، ومواطنو اذربيجان متساوو الحقوق ويستفيدون من ثروات اذربيجان المستقلة الجديدو. نبذل كل ما في وسعنا للحفاظ على هذه التقاليد لاذربيجان وتتعزز بينما يتعايش ممثلو الشعوب والقوميات المختلفة. بالمناسبة، هذا جانب مهم جدا للحضارة، وعامل مهم مميز مشير الى ان اذربيجان فيها نظام ومجتمع علماني متحضر ويجري انشاؤه.
اعتقد ان اللقاء اليوم من بداية برنامج إقامة الرئيس المولدافي في اذربيجان ارضية حسنة لنجاح اول زيارته الرسمية لاذربيجان. اني على ثقة من ان هذه الزيارة ستنجح، لان الاعمال التحضيرية الكبيرة قد حققت واعدت وثائق حكومية ودولية مهمة للغاية والاهم هو ان ثمة سمات كثيرة عامة في مواقفنا ووجهات نظرنا تجاه حياتنا الحالية والمقبلة. والاهم ان مولدوفا هي الاخرى تعزز استقلالها السياسي والديموقراطية وتطورها. واذربيجان ايضا تطور استقلالها السياسي والديموقراطية. اعتقد اننا سنواصل تعاوننا بشكل نشط على اساس هذه المبادئ. ثمة امكانيات كبيرة جدا للتعاون في مجالات العلم والثقافة وبلا شك التعليم. اظن ان جامعاتنا ومؤسساتنا للتعليم العالي قد تسهم عن كثب في تعاوننا هذا.
بيوتور كيريلوفيتس، اريد ان اهنئك من جديد بمناسبة حدث اليوم واتمنى لك الصحة والرفاه. انا على يقين من ان الحدث اليوم تقديم اسم الدكتور الفخري لجامعة باكو الحكومية لك ربطك بالجامعة وكذلك باذربيجان ربطا وثيقا. اتمنى لك الصحة والسعادة.
"حيدر علييف: استقلالنا ابدي" (خطابات، كلمات، تصريحات، احاديث صحفية، رسائل، نداءات، مراسيم) دار الطباعة الاذربيجانية، باكو، ٢٠٠٤، المجلد الـ١٣، ص. ٢٣٢