خطاب حيدر علييف رئيس جمهورية أذربيجان في الحفلة المهيبة المنعقدة بمناسبة استخراج أول نفط حسب "اتفاقية العصر" - ١٢ نوفمبر عام ١٩٩٧
السيدات والسادة المحترمون!
الضيوف المحترمون، الأصدقاء الأعزاء!
في ٢٠ نوفمبر عام ١٩٩٤ حصل حدث تاريخي في أذربيجان. قد أنشأت ١١ شركة عالمية عملاقة للبترول تنتمي إلى ٧ بلدان العالم "مجموعة الشركات" (كونسورسيوم) ووقعت مع جمهورية أذربيجان ومع شركة البترول الحكومية الأذربيجانية على اتفاقية حول الاستغلال المشترك لأعماق حقول "آذري" و"جيراق" و"جونشلي" الواقعة في القسم الأذربيجاني لبحر قزوين. سميت هذه الاتفاقية بـ"اتفاقية العصر" وذاع صيتها في العالم. تأسست الشركة العملية الدولية الأذربيجانية لتحقيق هذه الاتفاقية.
قد تبينت أسماء الشركات والبلدان الداخلة إلى المجموعة وإلى هذه الاتفاقية. القاعة مزدانة بأعلام تلك البلاد وتعرض هنا اعلام الشركات أيضا. فهذه الشركات هي: "Amoco" و "Unocal"و "Pennzoil"و "Exxon" للولايات المتحدة الأمريكية، و"Remko" و" British Petroleum " لبريطانيا العظمى و"LUKOIL" لروسيا و"Statoil" للنرويج و" the Turkish Petroleum" لتركيا و"Delta" للمملكة العربية السعودية و"Itochi" لليابان. ان هذه الشركات انشأت مع شركة البترول الحكومية الأذربيجانية الشركة العملية الدولية الأذربيجانية. وبدأت الشركة العملية الدولية الأذربيجانية لتحقيق الإقتراح المخطط في الاتفاقية ونفذت خلال ٣ سنوات الأعمال المزمع بتحقيقها وفقا للبرنامج. اتخذت كل التدابير الضرورية واستخرج أول نفط من حقل "جيراق" النفطي نتيجة لها.
إننا اجتمعنا في هذه الحفلة المهيبة لنحتفل بالنتائج لتحقيق "اتفاقية العصر" خلال السنوات الثلاث وباستخراج أول نفط كحدث عظيم.
أهنئكم والشعب الأذربيجاني وجميع مواطني أذربيجان من صميم القلب بمناسبة هذا الحدث التاريخي المشهود. أتمنى لجميعكم السعادة في سبيل ازدهار الجمهورية الأذربيجانية المستقلة.
وصل الضيوف المحترمون أذربيجان ليحتفلوا بهذا الحدث المشهود. أما ضيوفنا فهم ضيوف يمثلون البلدان والشركات المساهمة في الاتفاقية الأولى - "اتفاقية العصر" من جهة وفي نفس الوقت ممثلون رفيعو المستوى للشركات والبلدان الداخلة لهذه الشركات المساهمة في الاتفاقيات والمجموعات الجديدة التي تأسست بعد الاتفاقية الأولى للاستغلال المشترك للحقول الموجودة في القسم الأذربيجاني لبحر قزوين. أنني أرحب اليوم من صميم القلب بجميع ضيوفنا الذين التفتوا اهتماما واحتراما لأذربيجان ووصلوا إلى أذربيجان ليحتفلوا بهذا الحدث وأقول لهم "أهلا وسهلا بكم".
أذربيجان بلد قديم للنفط واشتهرت في العالم كبلد النفط. أريد ان أذكـّركم بعض الارقام التاريخية. عام ١٨٤٧ لأول مرة في العالم ثار النفط في بيبهيبت بباكو - أذربيجان، ولأول مرة في العالم بدأ عندنا استخراج النفط بالطريقة الصناعية.
في أواخر القرن التاسع عشر وفي أوائل القرن العشرين كانت أذربيجان أكبر بلد في العالم من حيث حجم استخراج النفط. إن اكثر من ٥٠% من النفط المنتج في العالم في مطلع القرن العشرين تم استخراجه في باكو بأذربيجان. في القرن العشرين تطورت أذربيجان كبلد النفط. لعبت صناعة النفط الأذربيجانية دورا بارزا في استكشاف مكامن نفط جديدة في أراضي الاتحاد السوفييتي الذي تبعته هي وخاصة في أراضي روسيا. ليس من باب الصدفة ان مكامن النفط الكبيرة في أراضي روسيا سميت بـ "باكو-٢" و"باكو-٣" و"باكو-٤".
استخرج في أذربيجان ٧٥% من النفط الذي استفاد الاتحاد السوفييتي في حربه ضد الفاشية الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية. يمكننا القول اليوم بمشاعر الافتخار العميق ان أذربيجان وشعبها وعمال النفط الأذربيجانيين قدّموا خدمات لائقة في الانتصار على الفاشية الألمانية.
كانت أذربيجان من طليعة البلاد التي كانت تستخرج النفط بالطريقة الصناعية في العالم، كما كانت من أول البلاد التي بادرت استكشاف مكامن النفط في المياه، في البحر وفي أعماق المياه واستغلالها أيضا. قد ثار اول بئر للنفط في مكان أسطوري مسمى بـ "نفط داشلارى" ببحر قزوين في مثل هذا الشهر قبل ٤٨ سنة الذي يصادف نوفمبر عام ١٩٤٩ بالذات وعلى هذا المنوال انشئت وتطورت صناعة انتاج النفط في بحر قزوين.
لعب العلماء وعمال النفط والاخصائيون الأذربيجانيون دورا كبيرا في تنقيب الموارد المعدنية واكتشاف حقول النفط والغاز في بحر قزوين وبرعوا في هذا المجال. أتجاسر اليوم على القول بأن أغلبية ساحقة من حقول النفط ببحر قزوين اكتشفت من قبل عمال النفط والعلماء الأذربيجانيين.
إن عمال النفط الأذربيجانيين أحرزوا انجازات كبيرة في مجال استخراج النفط في بحر قزوين. من عام ١٩٤٩حتى الآن استخرج ٤٢٠ مليون طن من النفط و٣٢٠ مليار متر مكعب من الغاز في بحر قزوين بأذربيجان. قد انشئت قناطر على امتداد عشرات الكلومترات في مكان يسمى بـ "نفط داشلارى" ونصبت أرصفة لاستخراج النفط في مكامن النفط المختلفة. أظهر عمال النفط الأذربيجانيون البطولة في بحر قزوين وحققوا أعمالا ضرورية لإنتاج البترول دائما من هذا البحر. إن كل هذه - البنية العلمية - التقنية والمادية - التقنية والمنشآت التكنيكية العملاقة التي انشئت في مجال صناعة النفط الأذربيجانية في سنوات مضت مهدت أساسا حسنا لاتخاذ أعمال كبيرة في المرحلة الجديدة من صناعة النفط لأذربيجان المستقلة.
بفضل خبرتنا الكبيرة المستخلصة منها والبنية المادية - التقنية الموجودة لدينا وحدها بدأت أذربيجان تخطو خطوات جديدة لاستخراج النفط من الرواسب الواقعة في أعماق بحر قزوين. والآن تقوم أذربيجان في هذه المرحلة بهذه الأعمال بالتعاون مع عدد كثير من شركات البترول العملاقة للعالم. فمكـّن كل هذا من عقد اتفاقية البترول الأولى في شهر سبتمبر عام ١٩٩٤. فنتيجة لهذا بالذات تم التوقيع على اتفاقيات جديدة خلال الثلاث سنوات بعدها تهدف إلى الشراكة مع شركات البترول العالمية العملاقة في مكامن النفط والغاز العديدة التي تقع في القسم الأذربيجاني من بحر قزوين. تتساهم الآن٢٠ شركة عملاقة للبترول تابعة لـ ١٢ بلدا في الاتفاقيات الموقع عليها بخصوص القسم الأذربيجاني لبحر قزوين.
فإن أذربيجان كبلد خطا خطوات أولى في اكتشاف واستغلال حقول النفط في بحر قزوين تقدمت الآن في نهاية القرن العشرين وعلى عتبة القرن الحادي وعشرين بمبادرات هامة في مجال استغلال موارد الطاقة الغنية لبحر قزوين لصالح اقتصاد اذربيجان من جهة ولاقتصاد كل البلاد المجاورة على بحر قزوين من جهة أخرى، الامر الذي اقيم على اجراء أعمال كثيرة خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
يمكنني القول بامتنان إن بحر قزوين يسترعي انتباه العالم الكبير إليه. تعلن شركات عديدة عن رغباتها بالشراكة في مكامن النفط والغاز الموجودة في القسم الأذربيجاني لبحر قزوين. أقول بفرح عميق ان البلدان الأخرى المطلة على بحر قزوين مثل روسيا وكزاكستان وتركمنستان وإيران أقدمت على العمل في أقسامها الوطنية من بحر قزوين. آمل أن هذه الأعمال هي الأخرى ستتكلل بنجاح.
إن موارد الطاقة لبحر قزوين تحمل منتهى الأهمية للبشرية وستستعمل في سبيل تطويرها.
اجتمعنا اليوم هنا بمناسبة حدث استخراج أول نفط. كما أن اليوم يوم عيد مشهود بالنسبة للجمهورية الأذربيجانية يصادف يوم الذكرى السنوية الثانية من قبول أول دستور ديموقراطي للجمهورية الأذربيجانية المستقلة.
أهنئكم وجميع مواطني أذربيجان بمناسبة هذا العيد، اي يوم تبني دستور الجمهورية الأذربيجانية وأتمنى لكم جميعا التوفيق في سبيل تكوين دولة ديموقراطية وحقوقية وعلمانية طبقا للدستور في أذربيجان.
إن الاحتفال بيوم الدستور الأعز إلى أذربيجان والاحتفال باستخراج أول نفط كنتيجة الأعمال المتخذة خلال الثلاث سنوات الماضية في المكامن الموجودة ببحر قزوين بينهما ارتباط جوهري. لم تتمكن أذربيجان من إبرام اتفاقية مثل "اتفاقية العصر" مع عدد كثير من بلدان العالم وشركاتها بشكل مستقل إلا بعد حصولها على الاستقلال السياسي وعودة خيرات شعبنا إلى مُلكيته وتسنت له الاستفادة من خيراته كما يريد. لم يتيسر قبول أول دستور ديموقراطي إلا لأذربيجان المستقلة. لا تزال أذربيجان تعيش مرحلة تكوين دولة ديموقراطية. هذه الأحداث هي أحداث متماسكة ومرتبطة فيما بينها.
اجتمعنا اليوم هنا بمناسبة استخراج النفط الاول من مكمن النفط "جيراق". إننا اليوم في الصباح الباكر زرنا بالمروحية رصيفا نـُصب في ذلك الحقل واطلعنا على عمله وتفرجنا عليه. هذه معجزة في الحقيقة على وسط البحر.
من المستحيل أن تذهل الأذربيجانيين بالأرصفة والقناطر الموجودة في البحر. أعتقد أن ضيوفنا الذين يزورون مكمن "جيراق" على متن المروحية قد يؤكدون هذا. لأننا أثناء تحليقنا فوق مسافة ما بين الشاطئ ورصيف "جيراق" شاهدنا من على متن المروحية أرصفة لا عد لها موزعة في بحر قزوين وقناطر ممتدة إلى مسافة عدة كيلومترات انشئت في "نفط داشلاري" ومبانيا سكنية مشيدة عليها.
شيد كلها الشعب الاذربيجاني. لذا لا نعجب بها. لكن الرصيف الذي أنشئ في حقل النفط "جيراق" إبان الثلاث سنوات المنصرمة معجزة في الحقيقة ويذهل الإنسان. لانه يتميز من الأرصفة والقناطر الأخرى الموجودة في بحر قزوين بمعداته وامتلاكه تكنولوجيا العصر وامكانياته العصرية. إنه يعجب من يراه. لانه منشاة ومصنع كبير، كأنه مدينة كبيرة. يعيش الناس ويعملون فيه. ولقد بدأوا ينتجون النفط هنالك.
يمتاز هذا العمل بناحيته الاقتصادية والسياسية وكذلك المعنوية. سمته الاقتصادية هي أن العمل الذي بدأناه سيأتي بالفائدة الاقتصادية الكبيرة لأذربيجان من جهة، وللشركات والبلدان التي تتعاون مع أذربيجان في بحر قزوين في هذه السنة، كذلك خلال السنوات المقبلة من جهة أخرى. لكن ناحيته المعنوية والسياسية هي أننا نتمكن معا من تطبيق التكنولوجيا العصرية الموجودة في العالم، من طرف آخر وصل الاخصائيين السماة ليعملوا هنا كتفا لكتف مع عمال النفط والمهندسين الأذربيجانيين. وهذا يسرنا جدا. كل هذه هي بداية لأعمالنا المقبلة و جميلة.
إن الأعمال المحققة خلال السنوات الثلاث الماضية تستحق تقديرا عاليا. لأنه قد أنشئ في حقل النفط "جيراق" رصيف عملاق أيضا. قد تم حفر بئر على عمق ٣٠٠٠ متر على المياه التي عمقها ١٢٠ مترا في هذا الحقل واستخرج منه النفط. على حسب المخططات ستحفر بئر ثاني، ثم ٨ آبار، عامة ٢٤ بئرا من هذا الرصيف في المستقبل. سيتوقع استخراج ٦ ملايين طن من النفط من نفس الرصيف سنويا.
لكن الأعمال التي اتخذت خلال هذه السنوات الثلاث كونت أسسا تكنكي اقتصادي كامل لتصدير النفط على الفور علاوة على إنشاء هذا الرصيف. لقد تم استفلال أنابيب النفط بعد إنشائها على بعد ١٧٦ كم من الرصيف إلى الشاطئ. يتدفق النفط المستخرج من رصيف "جيراق" إلى الشاطئ عن طريق هذا الخط. يستخرج من الآبار الغاز أيضا. قد تم مد أنبوب الغاز من رصيف "جيراق" إلى "نفط داشلاري" على امتداد ٤٨ كم للاستفادة من هذا الغاز. سوف يضخ الغاز المصاحب إليها وسيستهلك الغاز بعد وصوله إلى الشاطئ من "نفط داشلاري". لتخذين النفط المستخرج وتصديره إلى الأسواق الأجنبية شيدت منشأة عظيمة في سنكجال على شاطئ البحر، على مقربة من باكو. هكذا قد تضمن وصول النفط المستخرج إلى الشاطئ وتخذينه فيه. وقد شيد خط الأنابيب لتصدير النفط و إلى السوق العالمية. كما تعلمون أننا سبق لنا وخططنا إنشاء خطين للأنابيب لتصدير النفط المستخرج من القسم الأذربيجاني ببحر قزوين، عامة من أذربيجان بأكملها. إن الخط الأول لأنابيب النفط سيصل إلى ميناء نوفوروسييسك بالبحر الأسود عبر أراضي آسيا، والخط الثاني لأنابيب النفط إلى ميناء سوبسا للبحر الاسود عبر أراضي جورجيا.
قد بدأ تشغيل الخط الأول بعد حل الصعوبات الكبيرة. طول هذا الخط في أراضي أذربيجان ٢٣٠ كم وطوله إلى نوفوروسييسك ١٤٠٠ كم.
نتيجة الأعمال المتخذة في أراضي روسيا تمت إزالة العوائق التي تولدت في القوقاز الشمالية. في ٢٥ أكتوبر لنفس السنة قد عبر النفط الأذربيجاني التخوم الأذربيجانية والروسية عن طريق هذا الخط. قد أبلغونا اليوم صباحا أن النفط عن طريق هذا الخط قد اجتاز مدينة غروزنى. أعتقد أن النفط سيصل في القريب العاجل إلى ميناء نوفوروسييسك. لكن اليوم أخبرونا أن النفط المستخرج من حقل "جيراق" سيصل إلى ميناء نوفوروسييسك في شهر فبراير للسنة القادمة عن طريق ذلك الخط. ويدل هذا على أن كل هذه الأعمال تأسست ونظمت في نفس المستوى.
إننى أعرف من خبرة السنوات والعهود الماضية أنه أحيانا كان يحقق جزء من الأعمال، ويترك جزء آخر وما كانت تصل كل هذه الأعمال إلى نتائجها. لكن العمل اللتي أتخذ هنا اليوم كان بشكل متماسك.
إن إنشاء الخط الثاني لأنابيب النفط لا يزال في أرض جورجيا. تبليغ قيادة الشركة العملية الدولية الأذربيجانية بأن هذا الخط سيكون جاهزا في شهر سبتمبر للسنة القادمة. فسوف يمكن تصدير النفط المستخرج ليس فقط من حقل "جيراق"، بل من الحقول الأخرى إلى الأسواق العالمية عن طريق أنابيب النفط الممتدة إلى اتجاهين مختلفين.
ولا ريب في أن كل ما اتخذ من الأعمال محصلة في النشاط الكبير للشركات الداخلة إلى المجموعة (كونسورسيوم) وراسمالهم التي وظفتها فيها. قد تم تمويل مبلغ ١مليار دولار كليا من قبل مستثمري المجموعة للأعمال التي اتخذت هذه السنوات الثلاث تحت قيادة الشركة العملية الدولية. هذا في حد ذاته حدث مهم. وقد تعتبر ١ مليار دولار مبلغا قليلا لدولة ما. لكن اتخاذ عمل مشترك هنا خلال هذه السنوات الثلاث بمبلغ مليار دولار حدث عظيم وفرح بالنسبة لمنطقتنا، لأذربيجان فقط. بودي أن أشيرإلى أن هذه التدابيرالمتخذة جلبت عدد كثير من شركات عالمية إلى أذربيجان لتعمل هنا. تساهم أكثر من ٤٠٠ شركة من بلدان مختلفة للعالم لسيرالاعمال المتعلقة بتحقيق برنامج الاتفاقية الأولى بالذات. إن هذه الشركات استفادت من تلك الأموال بحجم ١مليار دولار وأخذ كل منها أرباحها. يوجد هنا كثير من شركات عدة بلدان أمثال الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى وبعض البلدان الأوربية. يمكنني القول بامتنان أن ٧٢ مؤسسة ضمن هذه الشركات المساهمة هي مؤسسات صناعية أو مؤسسات إنشاء للجمهورية الأذربيجانية. أما حجم الأعمال المتخذة من قبل مؤسسات الجمهورية الأذربيجانية فتقدر بـ ١٦٣ مليون دولار.
فجلب إلى تحقيق هذه الاتفاقية عدد كبير من بلدان وشركات العالم من جهة، والشركات والمؤسسات والعلماء والاخصائيون والعمال في المستوى المهنى العالي الذين يعملون في مجال صناعة النفط الأذربيجانية من جهة أخرى. مما يسرنا هنا أن أعداد المتخصصين ذوى المستوى العالي الذين دعوا من الخارج تقنية لتحقيق كل هذه الأعمال ينخفض باطراد. وهذه حالة طبيعية. لأن أذربيجان تمتلك قدرة علمية- تكنيكية هائلة في مجال صناعة النفط. فتجب أن الاستفادة من هذه القوة لأذربيجان. فهذا أكثر ثمرة من ناحية اقتصادية.
بودي أن أذكر مرة أخرى أن كل ما اتخذ من الأعمال أظهر موارد الطاقة لبحر قزوين إلى العالم. أشرت إلى أنه قد تم توقع ٩ اتفاقيات حول حقول واقعة في القسم الأذربيجاني لبحر قزوين. يتوقع توظيف ٨ مليارات دولار من الاستثمارات للاتفاقية الأولى. اما حجم الاستثمارات المزمع توظيفها لجميع الاتفاقيات الموقع عليها فهو ٣٠ مليار دولار. فكل هذا استثمارات تتعلق بحقول واقعة في القسم الأذربيجاني من بحر قزوين. بالمناسبة، توجد حقول النفط والغاز الغنية جدا في القطاعات الوطنية في بحر قزوين للدول الأخرى المجاورة عليه أيضا. أعتبر أن هذه الأعمال المتخذة والخبرة المستخلصة في القسم الأذربيجاني قد سيلعب دورا هاما لتنشيط هذه القطاعات. إننا على إستعداد لتقديم هذه الخبرة لكل البلدان المجاورة على بحر قزوين ونعطي خدماتنا في استغلال إحتياطات الطاقة لهذا البحر.
أثناء حديثي عن كل هذه التدابر أشكر جميع الشركات المساهمة في الاتفاقية الأولى لخدماتها في تنفيذ الاتفاقيات المبرمة عليها. أريد ان أبدي عن شكري لاخصائيين وعمال النفط بأسرهم الذين يعملون في الشركة العملية الدولية، لكل الناس سواء كانوا من البلدان الأجنبية، أم من أذربيجان.
أشكر قيادة الشركة العملية الدولية الأذربجانية وخاصة رئيسها السيد تيري آدمس، وهو ممثل شركة "British Petroleum". أعتبر أن العمل المشترك الذي حققناه خلال هذه السنوات الثلاث دشن طريقا كبيرا وواسعا نحو المستقبل. إننا كذلك مستعدون على القيام بعمل مشترك في المستقبل مع كل الشركات التي وصلت إلى أذربيجان ومع كل البلاد التي تشترك في هذه الأعمال بأسرها. نتمنى للبلاد المجاورة على بحر قزوين أن تتمكن من الاستفادة من إمكانيات موجودة في قطاعاتها الوطنية على ما يريدون يحلولها. إننا بجانب البلدان المجاورة والصديقة في هذه الأعمال دائما وإننا مستعدون على القيام بعمل مشترك معها و على تعليم خبرتنا لها.
على ما قلت اشتهر بحر قزوين كحوض تخزن فيه موارد الطاقة الغنية على صعيد العالم. في نفس الوقت توجد حقول النفط الغنية جدا في الشاطئ الآخر لهذا البحر في أراضي بلدان آسيا الوسطى. أما استغلال هذه الحقول سواء أ كان في البر، أو في الجرف فهي من مهماتنا الكبيرة في المستقبل. نسعى إلى أن نخدم في مجال تنفيذ هذه المهمات. تحمل هذه الأعمال منتهى الأهمية لتكوين استيراتيجية اقتصادية للقرن الواحد والعشرين.
إن جميع الاتفاقيات التي وقعنا عليها تسري لمدة ٣٠ سنة تقريبا. لكنني أعتقد أن هذه الاتفاقيات ستسري لمدة أكثر من ٣٠ سنة. أعتبر أن الاتفاقيات التي وقعت عليها جمهورية أذربيجان مع شركات البترول العملاقة للعالم هي مستندات مهمة للغاية لأذربيجان من جهة وللشركات والبلدان المتعاونة معها في القرن الواحد والعشرين. من جهة أخرى نحن على عتبة المستقبل الكبير والسعيد. وأرسينا الحجر الأساسي له. فكرست الحفلة اليوم له بالذات. ولذا أتمنى للشعب الأذربيجاني وكذلك لشعوب جميع البلدان المجاورة على بحر قزوين ولكل الشركات والبلدان التي تسعى إلى استغلال احتياطات هذا البحر التوفيق والنجاح في هذه الأعمال في القرن الواحد والعشرين.
ثمة مسألة ملحة أخرى. فهذه مسألة تصدير النفط المستخرج في المستقبل. كما قلت، قد أنشئ خطان للأنابيب لتصدير النفط المنتج طبقا للاتفاقية الأولى. لكن من المخطط في اتفاقيتنا الأولى ان ينشئ خط أنابيب رئيسي كبير أيضا. تتعلق اتفاقية واحدة بهذا فقط. إن أخذنا بعين الاعتبار ان بعده تم التوقيع على ٨ اتفاقيات والاتفاقية التاسعة أي الاتفاقية المنوطة باستغلال مشترك لحقل النفط "كرداشي" على وشك التوقيع عليها، إنما يعني إبرام ٩ اتفاقيات، الأمر الذي ستتخذ أعمال واسعة على أساسها وتستخرج عشرات الملايين طن من النفط.
على سبيل المثال، حسب تقديراتنا الأولى، سيستخرج في أذربيجان نحو ٥٠-٦٠ مليون طن من النفط وفقا لهذه الاتفاقيات بعد ٥-٦ سنوات. إن تصدير هذا النفط يتطلب إنشاء خط أنابيب رئيسي وخطوط بديلة للأنابيب في عدة اتجاهات. فهذا من مهماتنا الرئيسية الآن. أريد أن أقول، مع الأسف هذا من مسائل مثيرة للجدل والأفكار المختلفة الآن على الصعيد الدولي. الآن يقلبون الأمر بعقولهم كثيرا، من أين ومن أي اتجاه وعبر أية دولة سيتدفق النفط الأذربيجاني، نفط بحر قزوين. لا شك في أن هذه المسائل تستمد من ربحيتها الاقتصادية. على سبيل المثال، إنني تحدثت عدة مرات مع مستثمري هذه الاتفاقية الأولى. إنهم يركزون أساسا على الجانب التجاري، أي الاقتصادي لهذه المسألة. كما ليس من الممكن مد هذا الخط الرئيسي إلى الشمال، أو إلى الجنوب، أو إلى الغرب، من اليقين الا يمكن مده إلى الشرق . لكن أيا منها أكثر ربحيا اقتصاديا وأكثر أمنا ويضمن أمن أي منها تماما؟
لا شك في أن هذه المسائل يجب تحديدها ومناقشتها. بالدرجة الأولى يجب أن تفكّر شركات البترول والكونسورسيومات بهذا الصدد. مما لا شك في أننا يجب علينا تقديم آراءنا أيضا.
توجد الآن خطان للأنابيب. يدور الأحاديث حول اتجهات خط أنابيب النفط الرئيسي مفادها انه سيمد إلى الجنوب أو من الغرب إلى البحر الأسود، أو عبر أراضى تركيا، أو من جهة الشمال عبر أراضى روسيا. أقول مرة أخرى، يجب أخذ كل هذا بعين الاعتبار.
هنا مسألة أخرى أيضا. توجد في كازاخستان حقول نفط هائلة يستخرج منها النفط. تقوم شركة البترول الأمريكية "Chevron" باستخراج النفط من حقل "تنكيز" وتبحث الطرق إلى القيام بالاعمال في سبيل تصديره. راجعت إلينا شركة البترول "Chevron". إننا وافقنا على نقل نفط "Chevron" إلى ميناء باطومي للبحر الأسود عبر أراضي جورجيا بواسطة ناقلات البترول من ميناء آكطاء الكازاخستانية ببحر قزوين. قد تم نقل ٥٠٠ ألف طن، أي نصف مليون طن من نفط "شيفرون تنكيز" من شهر مارس حتى الآن عن هذا الطريق وأوصل إلى ميناء باطومي. أعتبر أن هذا الرقم سيزداد باطراد وسيتيسر تصدير مليوني طن من النفط عبر هذا الطريق في السنة المقبلة. لكن هذا الطريق كذلك طريق شاق جدا. لذا في صيف هذا العام وقعت انا رئيس أذربيجان مع الرئيس الكازاخستاني على اتفاقية حول مد خط أنابيب النفط تحت قاع بحر قزوين من ميناء آكطاء إلى باكو. وافقنا على هذا. فهذا ضروري للنفط الكازاخستاني. قادر حاليا منشآتنا في أذربيجان وخطوطنا للأنابيب الممتدة من أذربيجان إلى اتجاهات الشمال والغرب على تصدير النفط.
لذا أعتقد أن تسوية هذه المسألة قد سيكون من أهم مسائل لنقل النفط المتوقع استخراجه في المستقبل إلى الأسواق العالمية.
علاوة على هذا، مثلا، أجريت محادثات حول مد انبوب الغاز من تركمنستان إلى أذربيجان. وقعت في شهر مايو لهذا العام على اتفاقية واحدة في عشق آباد. اذا كانت من الممكن تحقيق هذه المسألة أيضا قد ستكسب الغرب فائدة كبيرة جدا.
إن البلدان المجاورة على البحر الأسود مثل أوكراينا وبلغاريا ورومينيا ما عدا جورجيا، وإلى الجهة الأخرى اليونان ومن جهة أخرى دول أوربية أخرى تريد الاستفادة من النفط المستخرج لبحر قزوين. فإذن نتمكن من نقل النفط إلى تركيا وسواحل البحر الأسود - جورجيا أو شواطئ تركيا وإذا نُقل هذا النفط عبر أراضي تركيا بواسطة هذه الخطوط الأنابيب، فلا أدنى شك، سينفع هذه الدول. ان هذه الدول تلتفت اهتماما كبيرا بالنفط المستخرج من حقول موجودة في بحر قزوين.
لا بد لنا من أن نقلب كل هذا في عقلنا. قد خطَّطْنا في مشروعنا الأول مد خط أنابيب النفط الرئيسي الكبير في اتجاه باكو - جيهان. صحيح أن الممستثمرين والمساهمين يدعون هذا الخط باهظا للتكاليف. بالطبع عليهم ان يحددوا ناحيته الاقتصادية. لكنا نعتبر ان هذا الطريق وهذا الخط قد سيكون من أهم خطوط لتصدير النفط الأذربيجاني ونفط بحر قزوين. لأننا سبق لنا وأيدنا ولا نزال نؤيد اليوم إنشاء هذا الخط للأنابيب. لكن الحل النهائي للمسألة تتعلق، لا شك، بالشركات ومجموعتها ومن المساهمين.
طرح اليوم السيد بوريس نيمتسوف وكيل أول لرئيس الوزراء الروسي مسألة حول مد خط جديد لأنابيب النفط عبر أراضي روسيا الاتحادية في الاتجاه الشمالي. ويمكن النظر إلى هذه المسألة ومناقشتها. يمكن اجراء أعمال مزيدة في اتجاهات أخرى أيضا. على أية حال أعتبر أنه نحتاج لتصدير النفط المستخرج من القسم الأذربيجاني لبحر الخزر (قزوين) ومن الأقسام الأخرى من ناحية ومن آسيا الوسطى، خاصة من كازاخستان إلى الغرب إلى إجراء أعمال كثيرة وإنشاء عدد كثير من أنابيب النفط. سنشارك في هذه الأعمال بنشاط.
أدت كل هذه الأعمال التي نتخذها إلى ظهور خط جديد للنقل بين آسيا وأوربا أيضا. قد حققت مسألة إستعادة طريق الحرير القديم. وقعنا في السنة الماضية على اتفاقية مكنت لنا من افتتاح ممر للنقل يمتد من آسيا الوسطى وعبر بحر قزوين ومن أذربيجان إلى جورجيا، من البحر الأسود إلى أوربا. هذا الممر يعمل اليوم. وينقل الشحنات من آسيا الوسطى إلى أوربا، أو بالعكس. وهذا مثمر للغاية اقتصاديا. تحمل هذه البضائع بواسطة سفن ناقلات أذربيجانية عبر بحر قزوين. بعد نقل هذه الشحنات بواسطة السكك الحديدية عبر أراضي أذربيجان وجورجيا تستمر هذا بواسطة السفن من بحر الاسود إلى أوربا. إن هذا الممر للنقل له أهمية للغاية ومستقبله الكبيرة. إننا قد دعمنا هذا أيضا ونتعاون مع دول منضمة إلى هذا الممر للنقل وسنواصل تعاوننا فيما بعد أيضا.
أعتبر أن خطوط أنابيب النفط من ناحية، وممر آسيا - أوربا وممر أوربا - آسيا من ناحية أخرى ستربط اقتصاد هذه الدول فيما بينها ربطا وطيدا وتوطد علاقات بينها أكثر مما كان.
السيدات والسادة المحترمون!
إن احتفال اليوم والانجازات المكتسبة أصبحت ممكنة الا بعد حصول أذربيجان على استقلالها السياسي. نشهد اليوم ثمار استقلال دولة أذربيجان.
أثبتنا العالم عند ما وقعنا على اتفاقية النفط الأولى في شهر سبتمبر عام ١٩٩٤ أن أذربيجان دولة مستقلة وتتخذ قرارات حول استغلال ثرواتها بوصفها صاحبة لخيراتها الطبيعية كدولة مستقلة. بعد مضي ٣ سنوات اثبتنا مرة أخرى أن أذربيجان دولة مستقلة واستقلال أذربيجان السياسي سيستمر ونرى ثمار استقلالنا الرائعة. إن الأعمال التي نتخذها اليوم أعمال تستهدف القرن الـ ٢١، أجيال قادمة. اليوم نحتفل باستخراج اول نفط من حقل النفط "جيراق". تستخرج مليوني طن نفط من حقل النفط "جيراق" في السنة القادمة. لكنه سيصل حجم النفط المستخرج إلى ٥-٦ ملايين طن بعد عدة سنوات و٤٠-٥٠ مليون طن بعد ٥-٦ سنوات. بعد هذا سيزداد حجم النفط المستخرج. هذا يعني ان الاقتصاد الأذربيجاني سينمو وينتعش بفضل هذه الصناعة النفطية في القرن الواحد والعشرين.
نعتبر أن هذا فرصة رائعة ليس لصناعة النفط فقط، بل لتطوير جميع مرافق الاقتصاد الأذربيجاني وأذربيجان عامة بوصفها دولة مستقلة، ولتطوير اقتصاد السوق في بلدنا. إننا سنستفيد من كل الإمكانيات.
تدل كل هذا مرة أخرى على حفلة اليوم، وعلى هذه اللقاءات أن أذربيجان منفتحة أمام الاقتصاد العالمي. تندمج أذربيجان مع الاقتصاد العالمي على مر الزمن اندماجا وطيدا. تقيم أذربيجان اقتصادها على أساس اقتصاد السوق. ستواصل أذربيجان تطوير اقتصادها على أساس اقتصاد السوق. إننا نشهد نتائجها الرائعة.
أريد أن أحيط بكم علما بأن الاصلاحات التي أجريت في اقتصاد جمهوريتنا وسير تكوين دولة ديموقراطية في السنوات الأخيرة قضت على الانهيار الذي حدث في الاقتصاد الأذربيجاني منذ ٦-٥ سنوات. بدأ النمو في اقتصاد أذربيجان الآن. قد إزداد حجم الناتج المحلى الكلي في بلدنا في السنة الماضية بمقدار ٣,١% وأما في هذه السنة فازداد ٥%. كان ينخفض انتاجية الصناعة كل سنة ٢٥-٢٠%. الآن قد توقف الانخفاض. كانت الزيادة في الأشهر التسعة لهذا العام ١ بالمائة تقريبا. كان التضخم المالي بحدود ١٦٠٠% خلال السنة في أذربيجان سنة ١٩٩٤. لكنها اصبحت في السنة الماضية ٦%. لا مكان الآن للتضخم وبلغ إلى الصفر خلال الأشهر التسعة لهذه السنة.
تجري إصلاحات اقتصادية في أذربيجان. وفّر قانون أصدر بخصوص الأرض نقله إلى الملكية الخاصة. تعطي الآن الأرض إلى الملكية الخاصة. تجري خصخصة الملكية ونرى ثمارها. وتم تحرير التجارة الأجنبية وازدادت دورية التجارة الأجنبية ٣٠% في هذه الأشهر التسعة. نتوقع هذه السنة توظيف ١مليار ٥٠٠ مليون دولار من الأموال عامة إلى اقتصادنا بأسره و۱ مليار دولار منها عبارة عن استثمارات أجنبية.
كل هذا هو نتيجة التغيرات الديموقراطية وتطبيق اقتصاد السوق في أذربيجان، ونتيجة ازدياد ارتباط الاقتصاد الأذربيجاني مع الاقتصاد العالمي بصورة متوائمة.
فهذا يسرنا. من الطبيعي أنني أعتبر نفسي مدينا لكم في إبلاغ مشاعر فرحي اليوم إياكم وللضيوف المشاركين في حفلتنا هذه.
أهنئكم مرة أخرى بمناسبة هذا الحدث التاريخي المشهود. أتمنى لعمال النفط الأذربيجانيين وكافة الشركات وعمال النفط والاخصائيين والاقتصاديين أجمعين الذين يقومون بأعمال مشتركة معنا التوفيق والنجاح في أعمالهم القادمة. والسلام عليكم.