خطاب حيدر علييف الرئيس الاذربيجاني في المأدبة الرسمية المقامة على شرف رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان - ١١ فبراير عام ١٩٩٨
رئيس الوزراء المحترم!
الوزراء المحترمون!
الضيوف الكرام!
بدأت اليوم أول زيارة رسمية لرئيس الوزراء المحترم للجمهورية اللبنانية إلى الجمهورية الأذربيجانية . هذا الحدث حدث مشهود في العلاقات التاريخية المتعددة القرون بين أذربيجان ولبنان.
السيد رئيس الوزراء، أبدي شكري لكم لقيامكم بزيارة رسمية إلى أذربيجان تلبية لدعوتي. لقد أجرينا اليوم معكم محادثات مثمرة وغنية المضمون ومهمة جدا. رئيس الوزراء المحترم، تناولنا في محادثتنا المنفردة معكم بحث عدد كثير من المواضيع التي تتعلق بالعلاقات الأذربيجانية اللبنانية من جهة، والتي تتعلق بالأوضاع الدولية والأوضاع في الشرق الأوسط.
أنا ممتن جدا بأن تبادل الآراء والمحادثات أثناء هذا اللقاء المنفرد أثبتت تطابق وجهات نظرنا، أفكارنا حول عدد غير قليل من المسائل. وهذا مهم جدا لمستقبل الصداقة والتعاون بين بلدينا وشعوبنا.
أثناء محادثات الوفود قمنا بتحليل العلاقات القائمة بين بلدينا وأحطـُّكم علما مفصلا جدا حول الأوضاع اليوم وفي السنوات الأخيرة لأذربيجان. أنا ممتن جدا بأنكم تقدرون الوضع الراهن لأذربيجان تقديرا صحيحا وموضوعيا، تدينون هذا العدوان المقام من قبل أرمينيا ضد أذربيجان وأعلنتم معارضتكم لانتهاك الوحدة الترابية لأذربيجان ككل بلد. أؤكد لكم أن أذربيجان تريد معالجة النزاع القائم بين أرمينيا وأذربيجان بالطريق السلمي وسنواصل مساعينا في هذا المجال.
معلوم أن بين لبنان وأرمينيا علاقات التعاون الوثيقة. تحدثنا معكم بالتفصيل بهذا الصدد. أريد أن أعرب عن امتناني الكبير بأنكم اقترحتم بمساعيكم أيضا في مجال تسوية السلمية للنزاع القائم بين أرمينيا واذربيجان. اظن أن للبنان وللسيد رئيس الوزراء شخصيا إمكانيات في هذا الصدد، وإذا تستطيع بذل إمكانياتكم هذه في تسوية النزاع القائم بين أرمينيا وأذربيجان بالطريق السلمي، على أساس القواعد الشرعية الدولية نكن ممتنين بكم.
اليوم لأول مرة تم التوقيع على اتفاقيات بين الحكومتين تكسب أهمية هامة جدا بين لبنان وأذربيجان. هذه أولى خطوات لتطوير علاقاتنا الاقتصادية. أقدر هذا تقديرا عاليا. اعتقد اننا سنتمكن من توقيع معاهدات كثيرة العدد في المستقبل نتيجة مساعينا المشتركة.
إنني أعلن مرة أخرى احترام وإجلال الشعب الأذربيجاني والدولة الأذربيجانية للشعب اللبناني. اتبعنا دائما بانتباه الأحداث الجارية في منطقتكم خلال العشرين سنة الأخيرة واتبعنا بانقباض القلب الأحداث الجارية والصعوبات الظاهرة وبعض المآسي في بلدكم.
قد زرت بلدكم سنة ١٩٧٢. أعجبت بجمال بلدكم وغنائه الاقتصادي والمباني الجميلة والآثار المعمارية لعاصمتكم مدينة بيروت. آنئذ كان الجميع يقولون إن لبنان، بيروت جنة العالم الشرقي. إن لبنان هي بلد يشبه الجنة. وكنت قد اتبعت أنا شخصيا بمشاعر الأسى العميق والألم سير حروب كبيرة وحدوث دمار نتيجة المعارك في بيروت ولبنان في السنوات الأخيرة. والحمد لله أن تلك السنوات انصرمت. الوضع الاجتماعي السياسي في لبنان مستقر الآن وتُطوّر لبنان اقتصادَها.
نعلم أن لبلدكم في نفس الوقت جرح أيضا - فهو أراضيكم المحتلة وكذلك مشكلتكم المستعصية، نرجو من الله تعالى أن يعينكم في معالجة كل مشاكلكم هذه. آمل تماما أنكم ستتوصلون إلى معالجة كل هذه المشاكل.
إن إزالة دمار الحرب التي جرت في لبنان، الحرب الأهلية في أقصر وقت، وترميم الأماكن المدمرة في أراضي مدينة بيروت ولبنان في أقصر وقت والوضع الاقتصادي الراهن للبنان تظهر أن الشعب اللبناني متفان و يعيش في لبنان رجالات السياسة والاجتماع القيمون بمكان. السيد رئيس الوزراء، بهذه المناسبة أريد أن أذكر نشاطكم ذكرا خاصا.
صديقي المحترم، أنت إنسان ذائع صيتك في العالم. إن مسيرة حياتك، الأعمال التي اتخذت، خدمتك بالإخلاص لشعبك معلوم ليس فقط في لبنان، فحسب، بل في العالم، السيد رئيس الوزراء، لك خدمات خاصة في معالجة هذه المشاكل الصعبة للبنان. لكنك اتخذت أعمالا نبيلة ليست فقط في لبنان فحسب بل في بعض البلدان للعالم وتستمر فيها. عندما كنت في زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية وزرت مكة والمدينة ذهبت إلى مكتبة كبيرة جدا تطبع فيها القرآن. وعلمت اليوم أن لك خدماتك الخاصة في تأسيس بؤرة مقدسة لنا.
للسياح والزوار والقاطنين العاديين فيها لبنان مكان جميل جدا. لكن لبنان مكان صعب جدا من حيث إدارة الحكومة وتغلب الأعمال الصعة. أفكر هكذا.
السيد رئيس الوزراء، منذ ما يزيد عن ٥ سنوات من سنة ١٩٩٢، انت حققت المزيد متوليا منصب رئيس الوزراء ومترئسا الهيئة التنفيذية العليا في الجمهورية اللبنانية، الجمهورية البرلمانية. في نفس الوقت، لبنان بلد ديموقراطي، نظامها السياسي قائم على اساس مبادئ الديموقراطية. إن لم تحقق هذه الأعمال الصعبة بصورة لائقة، لم تقدر على تولي منصب رئيس الوزراء في لبنان خلال مثل هذه المدة. إن الإنسان الذي لا يخدم إلا لشعبه وأمته وبلده باخلاص فقط وفقط يستطيع ان ينجح في مثل ذلك البلد، في مثل ذلك المنصب. نحن نعرفك هكذا. فلكل هذا أبدي شخصا احترامي واكرامي. أنا على ثقة بأن العلاقات القائمة بين لبنان وأذربيجان ستستمر في التطور العارم، وسنعزز ما عززنا صداقة شعوبنا. أتمنى لكم جميعا الصحة والسعادة. أتمنى للشعب اللبناني السلام والأمان وإعادة سلامة أراضي لبنان. السيد رئيس الوزراء، أتمنى لكم النجاح في كافة أعمالك. على شرف بلد لبنان الصديقة، للشعب اللبناني والزعيم الفذ للبنان رئيس الوزراء السيد رفيق الحريري، ولرئيس لبنان، صديقنا إلياس حروي. على شرف جميعكم، شكرا لكم.
رمينيا وأذربأ