خطاب حيدر علييف الرئيس الآذربيجاني في حفلة افتتاح متحف بيت حسين جاود (٢٣ أكتوبرعام ٢٠٠٢)
العلماء المحترمون!
السيدات والسادة، الأصدقاء!
ذهبت اليوم الى هذه البناية بعد فاصل طويل. فيما مضى، عندما عملت في آذربيجان خلال سنوات ١٩٨٠-١٩٧٠ كنت اسافر الى هذه البناية كثيرا، لأنه كان يقع في هذه البناية السوفييت الاعلى لآذربيجان. كنت احضر الجلسات هنا، كنت أقدم جوائز الدولة العالية في هذه القاعة كل مرة الى الشخصيات البارزة لآذربيجان ورجالات العلم والثقافة الذين توفوا كثير منهم. لكني اذكرهم دائما عندما أرى صورهم في المتاحف. ثم انشأنا بناية جديدة للسوفييت الاعلى لآذربيجان. يقع الآن في هذه البناية المجلس الوطني لآذربيجان المستقلة.
كان يدور الحديث الكثير عن هذه البناية، لملكية من نعطيها. كان عدد الراغبين في الحصول على هذه البناية كثيرا. كان هذا طبيعيا. لانها بناية تاريخية وبقيت بشكل جيد حتى الآن. هي من الآثار المعمارية التاريخية لآذربيجان. لكني كنت أفكر في انه كان من الواجب علينا ان نستفيد من هذه البنايات الا في مجال العلم والثقافة. ليس من المناسب إعطاء مثل هذه البنايات الى وزارات متفرقة، أو هيئات إدارية.
كان هذا في الماضي أيضا. لكني كنت اظن هكذا في هذه السنوات. لان مثل هذه المباني ثروة وطنية لآذربيجان. يمكن ان تشتري وزارة ما ومنظمة ادارية مبنى لها. لكن يجب الحفاظ على مثل هذه المباني كآثار معمارية، وكذلك ينبغي توزيع منظمات ذات الصلة فيها، او دخولها الى حوزتها عند الاستفادة منها. لذا قررت بعد النقاشات الطويلة اعطاء هذه البناية الى رصيد المخطوطات.
كما تعلمون، ويذكر بعض الحضور الآن، مع الأسف، ان رصيد المخطوطات، اي المخطوطات التاريخية، الكتب والوثائق المتعلقة بتاريخ آذربيجان كانت تقع في الطابق الاول لبناية اكاديمية العلوم خلال سنوات طويلة، خلال عقود. كانت تتلف كثير منها هناك. بهذا السبب اصدرنا مثل هذا القرار وانا ممتن جدا لأن تبني مثل هذا القرار مناسب تماما.
اصبح رصيد المخطوطات الآن معهد الدراسات العلمية. كما قلت هنا، يحتوى كتبا ندرة وقيمة جدا تعكس التاريخ الآذربيجاني. وكثير منها آثار تاريخية لآذربيجان. تعمل الآن هنا اسرة المعهد، تقوم بالدراسات العلمية. لكني اظن في نفس الوقت ان الناس المعنيين بالمجال العلمي، او الأشخاص الذين يشتغلون بالادب والفنون الجميلة، والمجالات الاخرى يستفيدون من هذه المخطوطات وسيستفيدون منها.
ثم برزت مشكلة ما. وسبب هذا هو ان حسين جاود شاعرنا العظيم، الروائي والفيلسوف عاش حينذاك في هذه البناية. برزت مسألة إنشاء متحف بيت في الغرف التي سكنها حسين جاود. كانت هذه المسألة مطروحة في الأجندة لسنوات طويلة. لكن مع الأسف، كانت تبقى عالقة. عالجناها ايضا. انشئ الآن متحف بيت حسين جاود في هذه البناية. عاش في هذه البناية. ذهبت اليها، تفقدت المتحف. عاش في هذه البناية مع اسرته من عام ١٩٢٠ حتى اعتقاله. وفرنا انشاء المتحف هنا. والآن متحف بين حسين جاود جاهز. يمر اليوم ١٢٠ سنة من ميلاد حسين جاود. اصدرت مرسوما بهذا الصدد لتحيي المنظمات في الجمهورية ذكرى مرور ١٢٠ سنة من مولد حسين جاود. لذا، حضرت اليوم بالذات حفلة افتتاح المتحف.
المتحف شيق جدا، وطريف للغاية. وأظن أن الناس المعنيين بإبداع حسين جاود وحياته يتمكنون من مشاهدة معروضات شيقة في هذا المتحف. كذلك يستطيع الناس المشتغلون بالابداع بالدراسات العلمية ان يجمعوا معلومات ضرورية جدا لأنفسهم هناك. نحيي ذكرى ضحايا الاضطهاد. تعرضوا للاضطهاد حينذاك، فقدوا حياتهم، برزت في أسرهم صعوبات وحرمان كبير جدا. نعم، مع الأسف، عرضوا هؤلاء الناس العظماء للاضطهاد عوضا من ابداء الشكر لهم. اننا حاولنا ونحاول إحياء ذكرى جميع ضحايا الاضطهاد في آذربيجان. اعدت الكتب عن الكثير منها، ووضعت الآثار وسيستمر هذا العمل بعد هذا.
حسين جاود هو الآخر من احد ضحايا الاضطهادات وتعرضت أسرته للحرمان الكثير أيضا. لكن يتعرض للاضطهاد ناس متفرقون، فحسب بل مع الاسف شعبنا أيضا.
لم يكن الاضطهاد عبارة عن اعتقال الناس المتفرقين فحسب بل ويحظرون مؤلفاتهم، يعدمون الناس ويقتلونهم او يرسلونهم الى المنفى وماتوا في المنفى. عامة تعرض شعبنا باكمله للاضطهاد. استمر تعرض شعبنا للاضطهاد ابتداء من العشرينيات، بالمراحل حتى اواخر الخمسينيات.
لكن إلى جانب هذا، تعرض تاريخنا وثقافتنا أيضا للاضطهاد، تعرضت هويتنا القومية هي الاخرى للاضطهاد. اذ كانوا يسعون في العهد السوفييتي الى ربط تاريخينا وماضينا وتقاليدنا بالايديولوجية الشيوعية والنظام الاشتراكي السوفييتي.من الطبيعي، كان من المفروض ان تضمحل وتفقد لو تنسى تاريخنا الحقيقي وثرواتنا الوطنية المعنوية اثناء هذه العملية. هذا هو تاريخنا. علينا الا ننسى هذا ابدا. علينا ان نستخلص النتيجة منها لئلا يعثر شعبنا على مثل هذه الحالات. خاصة، لان شعبنا تحرر الآن. حصلنا على الاستقلال. نعيش في الدولة المستقلة منذ ١١ سنة.
قلت مرارا وأبين اليوم ايضا ان استقلالنا لا نهاية له. وسيكون هكذا. لكن هذا يتعلق علينا. ويتعلق على الاجيال الحالية والقادمة والجميع. نستفرغ اليوم مجهوداتنا اليوم ويجب علينا ان نعمل هكذا. يجب علينا ان نصبح نموذج ستحتذي به الاجيال القادمة ونخلف تراثا كبيرا لها.
وكانت ملحمة "ده ده قورقود" من مؤلفاتنا وقيمنا التاريخية المعنوية الكبيرة التي تعرضت للاضطهاد.
قمنا بتحليل هذه المسألة عندما اقمنا اليوبيل الـ١٣٠٠ لها وتحدثنا عن هذا. قد كتبت المقالات والكتب عن السنوات التي كان الاذربيجانيون محرومين من كتاب ده ده قورقود. اثناء العمليات الجارية في الاتحاد السوفييتي، من جملتها في اذربيجان بعد الحرب العالمية الثانية حاولوا تزييف اثرنا التاريخي تماما عام ١٩٥٠ ونجحوا فيه. لكنا عدنا كتاب ده ده قورقود الى شعبنا. احتفلنا بيوبيله الـ١٣٠٠ على الصعيد الدولي واظهرنا العالم ان شعبنا يملك تاريخا قديما وأثرا تاريخيا مثل هذا.
كنا نريد شراء نسخة درزدن لملحمة "ده ده قورقود" المكتوبة بالاذربيجانية في ايام اليوبيل. وصل الينا الآن. اريد تقديمه لكم. اعتقد انه من الانجازات الكبيرة لحاضر ومستقبل اذربيجان هو انقاذنا ده ده قورقود من الاضطهاد وارجعناه الى شعبنا. في نهاية المطاف، جئنا بصورة مخطوطه الذي يحفظ في مكتبة درزدن حتى الآن الى اذربيجان. اقدمها الى معهد المخطوطات.
انا ممتن جدا من لقائي معكم. اتمنى لكم جميعا الصحة والنجاحات في اعمالكم. شكرا جزيلا لكم.
صحيفة "اذربيجان"، ٢٥ اكتوبر عام ٢٠٠٢