تقرير تاريخي عام حول موضوع الملحق برقم ٩٠٧ بـ"وثيقة الدفاع عن الحرية" من قبل كونغرس الولايات المتحدة الامريكية ونشاط حيدر علييف رئيس الجمهورية الاذربيجانية في مجال إلغائه
إن كونجرس الولايات المتحدة الامريكية اتخذ في أكتوبر سنة ١٩٩٢ قانونا مسمى بـ"وثيقة الدفاع عن الحريات" ينظم تقديم المساعدة الحكومية للجمهوريات السوفياتية السابقة. بموجب التعديل إلى القسم الـ ٩۰٧ من هذا القانون تم تحريم حكومة الولايات المتحدة الامريكية ان تقدِّم مساعدة إلى الهيآت الرسمية الأذربيجانية.
وعيله، فإن الجماعة الأرمنية القوية للولايات المتحدة الامريكية التي تؤيد عدوان أرمينيا على أذربيجان أثرت تأثيرا كبيرا في تبني هذا القانون. واتخذ أعضاء الكونجرس كأساس لإدخال التعديل برقم ٩٠٧ بناء على المعلومات والدعاية الوحيدة الجانب للجماعة واللوبي الأرمني الدوافع التي تزعم بان أذربيجان وكأنها تقوم بحصار أرمينيا المتنازعة معها وكذلك تلجأ إلى استعمال العنف ضد أرمن ناغورنو كاراباخ. وحتى يناير سنة ١٩٩٣ السنة التي دخل فيها القانون في حيز التنفيذ احتلت القوات المسلحة لارمينيا شوشا المدينة الاخيرة التي بقيت تحت سيطرة أذربيجان في ناغورنو كاراباخ ومنطقة لاجين الواقعة خارج حدود الاقليم، وحققت المجزرة الدموية ضد المدنيين بعد استيلائها على مدينة خوجالي.
وعليه، فان الجمهورية الاذربيجانية التي حصلت على استقلالها حديثا والتي تواجه الصعوبات الكبيرة اصبحت محرومة من مساعدة الولايات المتحدة الامريكية منذ ٨ سنوات مرت على قبول التعديل برقم ٩٠٧. اما المساعدات المتدفقة بأشكال مختلفة إلى اذربيجان من قبل الولايات المتحدة الامريكية فتم تحقيقها من خلال المنظمات غير الحكومية. وهذا كان محدودا جدا في المقارنة بما تم تقديمه لارمينيا من المساعدات.
وتعزز النشاط ضد التعديل برقم ٩٠٧ بعد تولي حيدر علييف الحكم سنة ١٩٩٣ وتوقيع اتفاقيات النفط مع شركات البترول للولايات المتحدة الامريكية عام ١٩٩٤.
هذا وتبنى الكونجرس الامريكي في يناير سنة ١٩٩٦ قانونا مسمى بتعديل ويلسون. ان التعديل الحامل اسم جارليز ويلسون عضو الكونغرس من الحزب الديموقراطي يتيح لرئيس الولايات المتحدة الامريكية صلاحية في تقديم المساعدة المباشرة وهذا في حالة ما إذا رأى ان المساعدات إلى أذربيجان غير كافية على مستوى المنظمات غير الحكومية. رغم هذا فان الولايات المتحدة الامريكية استمرت في اتخاذ موقف التمييز تجاه اذربيجان في مسالة الدعم المالي .
هذا وتخلى الكونغرس عن اتخاذ قرار آخر ضد اذربيجان في سبتمبر لتلك السنة تحت ضغوط القيادة الاذربيجانية ورئيس الولايات المتحدة الامريكية ووزارة الخارجية الامريكية. رغم ان مشروع القانون ذلك الذي يسمى بـ"ملحق بورتير" وهذا لأنه أعد باقتراح جون بورتير السيناتور من الحزب الديموقراطي كان ينص على تقديم المساعدة لاذربيجان لسنة ١٩٩٧ فان هذا الملحق كان يشير إلى ناغورنو كاراباخ كطرف مستقل ومنفصل.
ومن ناحية فان الكونغرس الامريكي كان من الممكن أن يزرع الشكوك حول سلامة اراضي أذربيجان التي بينها وبين ارمينيا نزاع، في حالة دخول هذا القانون في حيز التنفيذ. ان حيدر علييف الرئيس الاذربيجاني دعا ريجارد كوزلاريج سفير الولايات المتحدة الامريكية في أذربيجان حينذاك ليعرب له عن قلقه الشديد على هذه المسألة. وان الدوائر السياسية للولايات المتحدة الامريكية أيضا أكدت الطبيعة المضرة لهذا الملحق. (www.centerforsecuritypolicy.org)
ان مبعوثي رئيس الولايات المتحدة الامريكية هم الآخرون ألقوا كلمات معادية لهذا المشروع مما أدى إلى إدخال تنقيحات إلى ملحق بورتير وتبديل التعبير الذي يشير إلى ناغورنو كاراباخ كطرف مستقل ومنفصل عن اذربيجان بصيغة تترجم كـ "تقديم المساعدة إلى أذربيجان ومن ضمنها ناغورنو كاراباخ". (Fariz Rzaev, 907-ya Popravka: Istoriya I Perspektivi. (www.karabakh-doc.azerall.info)
ان حيدر علييف الرئيس الأذربيجاني لفت في لقاءاته التي أجراها مع الرئيس كلينتون وأعضاء كونجرس الولايات المتحدة الامريكية أثناء زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة الامريكية خلال ٢٧ يوليو-٧ أغسطس سنة ١٩٩٧ انتباههم إلى ضرورة إلغاء الملحق برقم ٩٠٧ الذي يعود بضرر كبير على العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية وأذربيجان.
هذا وقد أعلن بيل كلينتون أثناء حديثه مع حيدر علييف في أغسطس سنة ١٩٩٧ ان كونغرس الولايات المتحدة الامريكية سيغير رؤيته إزاء الملحق برقم ٩٠٧. وكذلك قال انه سيتم في البداية تقديم المساعدات إلى اذربيجان وسيليه إلغاء ذلك الملحق نهائيا.
(Together Towards the New Century, official visit of Heydar Aliyev, The President of The Republic of Azerbaijan to the US, 27 july - 7 august 1997, p. 13)
وعليه، فإن نيوت غينغرس رئيس كونغرس الولايات المتحدة الامريكية هو الآخر قال لحيدر علييف ضرورة الالغاء الوشيك للتعديل برقم ٩٠٧. وطرح الرئيس الاذربيجاني نفس المسألة عند لقائه مع السيناتورات الاعضاء في لجنة العلاقات الخارجية لدى مجلس الشيوخ حيث بيَّن بأن فرنك بولوني الذي اشترك في هذا اللقاء والذي يزعم انه تحت تأثير اللوبي الارمني أخطأ عندما ادعى ان ثمة قانونا يمكِّن استقلال ناغورنو كاراباخ.
وقال حيدر علييف لأعضاء مجلس الشيوخ بأن ناغورنو كاراباخ أنشئت كإقليم ذي حكم ذاتي في التبعية لأذربيجان في سنة ١٩٢٣.
ان مشرِّعي الولايات المتحدة الامريكية أعلنوا مرة أخرى مناهضتهم للتعديل برقم ٩٠٧ حتى أثناء اللقاءات التي أجراها رئيس الدولة الاذربيجانية في مجلس النواب. ان الولايات المتحدة الامريكية قدمت في ما بين سنوات ١٩٩٧ و٢٠٠٠ مساعدات مختلفة إلى أذربيجان ولو كانت بشكل محدود وهذا بالرغم من انه لم يتم التوصل الى الالغاء التام لذلك القانون نتيجة ضغوط الجماعة الارمنية واللوبي الارمني في الولايات المتحدة الامريكية.
أثناء زيارة حيدر علييف إلى الولايات المتحدة الامريكية في فبراير سنة ٢٠٠٠ دار الحديث بينه وبين وليام كوهن وزير الدفاع حول مسائل التعاون العسكري الذي كان يمنع التعديل برقم ٩٠٧ منه كثيرا. حيث عرب كوهن عن انه سوف يطرح مسألة أمام الكونغرس لتوفير فرصة لتعزيز العلاقات في مجال الأمن بما يتجنب هذا التعديل.
(Azerbaijan-USA, On the Road of Friendship and Partnership, Business Visit of The President of The Republic of Azerbaijan Heydar Aliyev to USA, February 12-28, Baku - 2000, p. 32)
وعليه فان إدارة كلينتون بذلت خلال السنوات الـ١٩٩٧-٢٠٠٠ جهودا لتتوصل إلى إلغاء التعديل برقم ٩۰٧ من قبل الكونغرس. أما المنظمتين الرئيسيتين للارمن القاطنين في الولايات المتحدة الامريكية - الجمعية الارمنية الامريكية واللجنة الارمنية الوطنية الامريكية فتخالفتا على مسألة التعديل برقم ٩۰٧. حيث أن اللجنة رفضت إلغاء التعديل فيما أيدته الجمعية باعتباره حال دون تقديم المساعدة العسكرية لارمينيا من قبل الولايات المتحدة الامريكية. (www.jamestown.org)
لقد حدث بطلان تنفيذ التعديل برقم ٩۰٧ ولو كان مؤقتا بعد أحداث ١١ سبتمبر سنة ٢٠٠١. فان أذربيجان ساعدت منضمة إلى تحالف مكافحة الإرهاب من خلال سماحها لطائرات الولايات المتحدة الامريكية بالاستفادة من مجالها الجوي في العمليات العسكرية التي يجري هذا البلد في أفغانستان.
وبرزت الحاجة إلى توسيع التعاون العسكري في إطار تلك العلاقات. على ذلك، فإن جورج بوش رئيس الولايات المتحدة الامريكية اتخذ في يناير سنة ٢٠٠٢ قرارا عن البطلان المؤقت لتنفيذ التعديل برقم ٩۰٧. قد تكررت نفس الخطوة للسنتين ٢٠٠٣-٢٠٠٤ أيضا. وكذلك وردت في توجيهات رئيس الولايات المتحدة الامريكية ضرورة تحقيق الامن لحدود أذربيجان بغرض زيادة ثمرة التحالف لمكافحة الإرهاب. (www.state.gov)
ان الولايات المتحدة الامريكية قدمت خلال سنتين ١٩٩٢-٢٠٠٥ إعانات بمبلغ ١٫٦ مليار دولار لأرمينيا و٦٠٠ مليون دولار لاذربيجان في إطار قانون "وثيقة الدفاع عن الحريات". فيما يتعلق بسنة ٢٠٠٦ فخصصت لها الولايات المتحدة الامريكية أموالا بمبلغ ٤٨ مليون دولار لاذربيجان وبمبلغ ٨٦ مليون دولار لارمينيا. (www.fpc.state.gov)
وعليه فان الطرف الاذربيجاني لا يعتبر مجرد البطلان المؤقت لتنفيذ الملحق برقم ٩۰٧ خطوة مقبولة بدون إلغائه نهائيا. وبين حيدر علييف في لقائه مع ريجارد كوزلاريج سفير الولايات المتحدة الامريكية ان القضاء على هذا الملحق يحمل أهمية معنوية أكثر.
أعد التقرير التاريخي في ٢٢ نوفمبر سنة ٢٠٠٦.