مؤلفاته / السياسة الداخلية / تواريخ مشهودة

خطاب حيدر علييف الرئيس الأذربيجاني في جلسة مهيبة عقدها المجلس الوطني في ٢٦ مايو بمناسبة مرور ٨٠ سنة على إنشاء الجمهورية الأذربيجانية الشعبية - ٢٦ مايو عام ١٩٩٨


أعضاء المجلس الوطني الكرام!

الرئيس المحترم، النواب المحترمون!

أهنئكم بمناسبة مرور ٨٠ سنة على تأسيس الجمهورية الأذربيجانية الشعبية، أتمنى لكم نجاحات في أعمالكم اللاحقة من أجل تدعيم استقلال أذربيجان. أرحب بكم جميعا من صميم القلب، أبدي احترامي لجميع نواب المجلس الوطني الذي يشكل عمادا رئيسيا من أعمدة الدولة الأذربيجانية.

نحتفل بمشاعر الافتخار الكبير بذكرى مرور ٨٠ سنة على تأسيس الجمهورية الأذربيجانية الشعبية. إن التدابير والحفلات المهيبة والمؤتمرات العلمية التي عقدت إبان الأشهر الأخيرة في الجمهورية الأذربيجانية لهذه المناسبة رسمت نشاط الجمهورية الأذربيجانية الشعبية بشكل واسع لأذربيجان المعاصرة وكذلك قدرت تقديرا عاليا الطريق الذي اجتازه الشعب الأذربيجاني والانجازات التي استخلصها على مدى السنوات الثمانين الماضية.

استمرت الجمهورية الأذربيجانية الشعبية مدة قليلة. لكنها شكلت مرحلة تاريخية في حياة الشعب الأذربيجاني في القرن العشرين وأرست حجرا أساسيا لمستقبل واستقلال شعبنا وحريته وسيادته. لذا نتذكر نحن مواطني أذربيجان جميعا بمشاعر الامتنان الكبير تأسيس الجمهورية الأذربيجانية الشعبية ونشاطها ومؤسسي الجمهورية الشعبية والناس الذين أظهروا في ذلك العهد نماذج البطولة. في نفس الوقت نقدر تقديرا عاليا عهد ما بعده.

في نهاية سنة ١٩٩٢ استعاد الشعب الأذربيجاني استقلاله الذي فقده بعد حصوله عليه سنة ١٩١٨. إننا عشنا ولا نزال في ظل الاستقلال خلال السنوات الست المنصرمة. أعلنت أذربيجان استقلالها أمام العالم، أثبتته في المنظمات الدولية وأرست أساسا لدوام واستمرارية استقلالنا.

كانت السنوات الست الأخيرة مرحلة شديدة التعقيد والصعوبة كما كانت سنوات ١٩١٨-١٩٢٠. لكنا يسعنا أن نقول بمشاعر الافتخار أننا ذللنا هذه الصعوبات، وتعيش دولتنا في ظروف صعبة وستستمر عيشها في المستقبل.

قد أدلى البرلمان الأذربيجاني - المجلس الوطني بلاء حسنا خلال هذه السنوات للتطويح بأسس قانونية لدولة مستقلة في أذربيجان. خاصة قبول أول دستور ديموقراطي لأذربيجان المستقلة، للجمهورية الأذربيجانية من خلال الاستفتاء العام الشعبي في شهر نوفمبر عام ١٩٩٥ هو من الأحداث التأريخية في القرن العشرين. في ١٢ نوفمبر عام ١٩٩٥ انتخب أول برلمان لأذربيجان المستقلة من خلال الانتخابات الديموقراطية المحققة في أذربيجان - على أساس الانتخابات الحرة والنزيهة والعادلة وفي ظل نظام تعددية الأحزاب. منذ ذلك الحين يعمل البرلمان بنشاط وساهم مساهمة ناشطة في تحقيق عملية بناء ركائز الدولة في أذربيجان، إصلاحات سياسية واقتصادية وفي تدعيم وتطوير استقلال أذربيجان. أشيد نشاط المجلس الوطني، البرلمان خاصة في الآونة الأخيرة. يزداد سنة بعد سنة إمعان هيئات حكومية، السلطة في أداء مهماتها، واضطلاعها بصلاحياتها التي تم تثبيتها في الدستور وتقدر على استيعاب هذه الصلاحيات والمبادئ بشكل أصح. فكل هذا يخلق امكانيات طيبة لكل هيئات حكومية للأداء المثمر في إطار صلاحياتها. من هذا المنظور نشاط المجلس الوطني، البرلمان الأذربيجاني في السنوات الأخيرة يستحق التقدير. أقدر هذا تقديرا عاليا.

القانون هو محور حياتنا. فقانوننا الأساسي هو الدستور. أما القوانين التي سنت على أساس دستورنا فهي مستندات رئيسية تضمن تطور الجمهورية الأذربيجانية، الدولة الأذربيجانية اليوم وفي المستقبل. يتناول بحث هذه القوانين في المجلس الوطني وتتبنى من قبل المجلس الوطني.

تحمل عملية التشريع منتهى الأهمية في كل دولة ديموقراطية، في دولة تعتمد على مبدأ توزيع السلطة. نتيجة عملية التشريع تسن قوانين ويقاد المجتمع على أساس هذه القوانين وينشط الناس وفقا لهذه القوانين ويحقق حياته، تؤدي كافة فروع الدولة نشاطها على أساس قوانين، لذا أداء التشريع، أقول مرة أخرى، أهم جزء للدولة. من هذا المنطلق، الأعمال التي اتخذتموها ذات أهمية بالغة، والنتائج المستخلصة تستحق التقدير.

يمكننا القول بكل حزم أن الدولة الأذربيجانية، الجمهورية الأذربيجانية المستقلة هي وريثة الجمهورية الشعبية التي تأسست سنة ١٩١٨. نحقق مبدأ الوراثة هذا بشرف وإخلاص. بلا شك، ثمة فرق كبير بين سنوات ١٩١٨ - ١٩٢٠ وسنوات التسعينات، أو ثمة بعد كبير جدا بين ذلك العهد وهذا العهد. أما هذا البعد فليس بينها هاوية - خلال هذه السنوات السبعين عاش وأبدع الشعب الأذربيجاني وتطور كشعب، كأمة وأنشأ القدرة الاقتصادية، السياسية، العقلية، الثقافية الراهنة لأذربيجان. يشمل كل هذا هذه السبعين سنة. عند الاحتفال بذكرى مرور ٨٠ سنة على إنشاء الجمهورية الشعبية الأذربيجانية نقدر السنوات الثمانين التي اجتازها الشعب الأذربيجاني ونقيم كل الانجازات المحرزة ونحتفل بانجازاتنا.

لا شك في أنه لا يستطيع بلد ما في وقت ما أن يحرز انجازات بدون التضحية والخسران. هذا خاص ببلدنا، بأذربيجان أيضا. هنا لا مجال للاستغراب. يحلل هذا مؤرخونا. وعليهم أن يحللوا، وأن يضعوا كل شيء في مكانه، وأن يقدروا كل شيء تقديرا مستحقا.

نحن هم الذين أسسوا دولة أذربيجان المستقلة. نقدر دائما ماضينا التاريخي، تسرنا إنجازات، نحزن ونأسف للخسارة والضحايا عند إنشاء دولة أذربيجان المستقلة.

المجلس الوطني للجمهورية الأذربيجانية وارث الآن للبرلمان الذي أنشأته الجمهورية الشعبية. تعني الوراثة مسئولية كبيرة دائما. إن الوراثة لا تعني تكرار نفس الحدث، أو اتباع نفس المستوى. على كل وارث أن يسترشد بمبدأ الوراثة، أو يكون وارث ذلك العهد وذلك الحدث، أو يطور ذلك العهد وذلك النظام. إننا نحقق هذا في أذربيجان وتوصلنا إلى إنجازات في هذا المجال.

أعتقد أن المجلس الوطني لأذربيجان يحقق اليوم مهمته كوارث بشرف وكما حقق مزيدا من الأعمال لتطوير الدولة المستقلة الأذربيجانية خلال السنوات الماضية وخاصة في السنوات الأخيرة. لكل هذا أبدي احترامي لكم. أريد أن أعرب عن أملي بأنكم سوف تطورون في المستقبل انجازاتكم المحرزة أكثر مما كان وتستحقون هذا الاسم الشريف.

إن الوضع الراهن لأذربيجان يقتضي تضامنا وتمكسا أوثق في بلدنا. أنا ممتن لأنه قد تشكل تواصلا سليما منبنيا على مبادئ الدستور بين كافة فروع، أجنحة السلطة في ظل النظام الديموقراطي الراهن في اذربيجان، الأمر الذي وفرت فرصة مانحة جدا للأداء المثمر لكلنا - للبرلمان، للهيئة التنفيذية العليا، وجميع الهيئات التنفيذية، وكذلك الهيئات القضائية. أشير خاصة إلى وجود العلاقات السليمة، العملية والمبدئية بين البرلمان والرئيس.

ذكر النواب في كلماتهم اليوم أحداث خصامات، شقاقات ، كفاح للسلطة وإلحاق أضرار بالمصالح الوطنية لأجل المصالح الشخصية حدثت في حياة الجمهورية الشعبية خلال سنوات ١٩١٨ -١٩٢٠. هذه حقيقة أيضا. علينا أن ندرس دروس التأريخ. علينا أن نستفيد من سمات الماضي الحسنة وجوانبه المفيدة والمثمرة بالنسبة لليوم. ونحول دون إعادة ظهور جوانب الماضي المضرة.

من الأسف أنه في حياة استقلال أذربيجان خلال السنوات الست الماضية حدثت أحداثا تكاد أن تشبه ما حدثت فيها خلال سنوات ١٩١٨ - ١٩٢٠ أيضا.

لكن الصعوبات التي نتجت عن كل هذا لم تستطع ولن تستطيع الحيلولة دون وعرقلة نجاح أذربيجان في السير إلى طريق الاستقلال السياسي. رغم كل هذا، نحتاج اليوم وفي المستقبل إلى مصالحة وطنية بين المواطنين، والتمسك والتضامن الوطني في المجلس الوطني الأذربيجاني، في كافة الهيئات الحكومية، في مجتمعنا أيضا على أساس المبادئ السليمة وعلى اساس إحياء التعددية الفكرية، التعددية السياسية تماما.

إننا نجتهد في هذا الطريق وسنواصل اجتهادنا. أؤكدكم على أنني باعتباري رئيسا لأذربيجان أعتبر هذه المهمة مهمة رئيسية لي وأظن أننا توصلنا إلى المزيد في هذا المجال. لكن أمامنا أعمالا كثيرة تنتظر إجراءها ونواقص يجب إزالتها أيضا.

في مرجوي أن نخلق جوا أكثر سليما ومعنوية أكثر سليمة في المجتمع، وفي الهيئات الحكومية في أذربيجان عن طريق تطوير العلاقات السليمة الموجودة حتى الآن تطويرا بعملنا المشترك وسنتوصل إلى أوثق التضامن والتمسك.

أهنئكم مرة أخرى بمناسبة هذا العيد العظيم وأعتبر حدثا مشهودا للغاية مناقشة خاصة لذكرى مرور ٨٠ سنة على إنشاء الجمهورية الشعبية في البرلمان الأذربيجاني، المجلس الوطني، وعقد جلسة مكرسة للعيد. أتمنى لكم جميعا الصحة ونجاحات في أعمالكم.

عيدكم مبارك!